ماهية المرفق العام


        البحث في ماهية المرفق العام يستدعي منا أن نبين تعريفه وعناصره ، ثم نستعرض أنواع المرافق العامة ونوضح أخيراً إنشاء وإلغاء هذه المرافق.

المطلب الأول :   تعريف وعناصر المرفق العام
        ليس من السهل تعريف المرفق العام، ولعل صعوبة تعريفه تعود إلى إن عبارة المرفق العام مبهمة ولها معنى عضوي و أخر موضوعي . ([1])
المعنى العضوي ويفيد المنظمة التي تعمل على أداء الخدمات وإشباع الحاجات العامة، ويتعلق هذا التعريف بالإدارة أو الجهاز الإداري. أما المعنى الموضوعي فيتعلق بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة.
        وعلى ذلك يمكن القول بأن المرفق العام هو في حالة السكون المنظمة التي تقوم بنشاط معين ، أما في حالة الحركة فهو النشاط الذي يهدف إلى إشباع حاجات عامة بغض النظر عن الجهة التي تؤديه.
        وقد تراوح التعريف بين هذين المعنيين فقد أكد بعض الفقهاء على العنصر العضوي للمرفق العام، بينما تناوله البعض الأخر من الناحية الوظيفية أو الموضوعية , وبعد أن كان القضاء الإداري في فرنسا ومصر يتبنى المعنى العضوي، تطورت أحكامه للجميع بين المعنيين، ثم استقر فيما بعد على المعنى الموضوعي .
وفي ذلك يعرف الأستاذ "رفيرو" المرفق العام بمعناه الوظيفي بأنه نشاط يهدف إلى تحقيق الصالح العام .([2])
ويعرفه الدكتور طعيمة الجرف بأنه " نشاط تتولاه الإدارة بنفسها أو يتولاه فرد عادي تحت توجيهها ورقابتها وإشرافها بقصد إشباع حاجة عامة للجمهور" .  ([3])
غير أن تطور الحياة الإدارية، والتغيرات الكبيرة التي طرأت في القواعد التي تقوم عليها فكرة المرافق العامة أدى إلى ظهور المرافق العامة الاقتصادية أو التجارية التي يمكن أن تدار بواسطة الأفراد أو المشروعات الخاصة مما قاد إلى انفصال العنصر العضوي عن الموضوعي وأصبح من حق الإدارة أن تنظم نشاط معين في صورة مرفق عام وتعهد به إلى الأفراد فيتوافر فيه العنصر الموضوعي دون العضوي.
وقد اعترف مجلس الدولة في فرنسا للمرافق الاقتصادية والتجارية بصفة المرفق العام، بل أطلق هذه الصفة على بعض المشروعات الخاصة ذات النفع العام التي تخضع لترخيص أداري مقيد ببعض الشروط، وفق ما يعرف بفكرة المرافق العامة الفعلية .([4])
وفي الاتجاه ذاته اعترف القضاء الإداري في مصر للمرافق الاقتصادية بصفة المرافق العامة وأخضعها لنظام القانون العام . ([5])
وعلى العموم يمكن الجمع بين المعنى العضوي والوظيفي للوصول إلى تعريف سليم للمرفق العام لوجود التقاء بين المعنيين ، عندما تسعى الهيئات العامة التابعة لشخص من أشخاص القانون العام إلى تحقيق النفع العام وإشباع حاجات الأفراد، وهذا يحصل دائماً في المرافق العامة الإدارية.
ومن خلال ذلك يمكن ان نعرف المرفق العام بأنه النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى، مباشرة أو تعهد به لأخرين كالأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة، ولكن تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام .

عناصر المرفق العام

        من التعريف السابق يتضح أن هناك ثلاثة عناصر يجب توافرها حتى يكتسب المشروع صفة المرفق العام ويعود العنصر الأول إلى الهدف الموكل إلى المرفق الذي يقوم بالنشاط والثاني ارتباط المشروع بالإدارة ورقابتها لسير العمل فيه وأخيراً استخدام إمتيازات السلطة العامة .
أولاً : عنصر الهدف
        لابد أن يكون الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد الأفراد بالمياه والكهرباء أو معنوية كتوفير الأمن والعدل للمواطنين.
        وعلى ذلك يعد تحقيق النفع العام من أهم العناصر المميزة للمرفق العام عن غيره في المشروعات التي تستهدف تحقيق النفع الخاص أو تجمع بين هذا الهدف وهدف إشباع حاجة عامة أو نفع عام.
        ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح لا يعني حتماً فقدها صفة المرفق العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين كما هو الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما يعد وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل المواطنين .([6])
ومن المهم القول إن هدف المنفعة العامة الذي اعترف القضاء الإداري به عنصراً من عناصر المرفق العام لا يمكن تحديده بدقة ، فهو هدف قابل للتطور ويتوقف على تقدير القاضي إلى حد كبير .
وفي هذا السبيل ذهب جانب من الفقه إلى القول بإن المشروعات التي تنشئوها الدولة وتعتبر مرافق عامة هي تلك التي تستهدف تحقيق وجهاً من وجوه النفع العام الذي عجز الأفراد وأشخاص النشاط الخاص عن القيام بها، أو لايستطيعون القيام بها على أكمل وجه .([7])
إلا أن المتتبع لأحكام القضاء الإداري الفرنسي يجد أنه اعتبر الكثير المشروعات الخاصة ذات النفع العام والتي تخضع لترخيص مرافق عامة ، وفق ما يعرف بفكرة المرافق العامة الفعلية ، رغم إن نشاطها من السهل أن يتولاه الأفراد، ومن ذلك حكم Terrier 1903 المتعلق بقتل الثعابين ، وحكم Therond 1910 الخاص برفع جثث الحيوانات .([8])

ثانياً : عنصر الإدارة

        تقوم الدولة بإنشاء المرافق العامة ويجب أن يكون نشاط المرفق العام منظماً من جانب الإدارة وموضوعاً تحت إشرافها ورقابتها، وخاضعاً لتوجيهها لضمان عدم انحرافه عن المصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة([9]).
 وإذا عهدت الإدارة إلى أحد الأشخاص المعنوية العامة بإدارة المرافق فإن هذا لا يعني تخليها عن ممارسة رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة وإشباع الحاجات العامة للأفراد، ونفس الأمر إذا أصبحت الإدارة بيد هيئة خاصة بمقتضيات المصلحة العامة تقتضي النص على إخضاع هذه الهيئة الخاصة كاملة فلا نكون أمام مرفق عام. ([10])

ثالثاً : وجود إمتيازات السلطة العامة

        يلزم لقيام المرافق العامة أن تتمتع الجهة المكلفة بإدارة المرفق العام بإمتيازات غير مألوفة في القانون الخاص تلائم الطبيعة الخاصة للنظام القانوني الذي يحكم المرافق العامة.
        غير أن هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء على اعتبار أن التطورات الاقتصادية وتشعب أنشطة الإدارة أفرزت إلى جانب المرافق العامة الإدارية مرافق عامة صناعية وتجارية تخضع في الجانب الأكبر من نشاطها إلى أحكام القانون الخاص كما أن خضوع المرفق للقانون العام هو مجرد نتيجة لثبوت الصفة العامة للمرفق ، ومن غير المنطقي أن تعرف الفكرة بنتائجها .([11])
        غير أننا لا نتفق مع هذا الرأي من حيث أن المرافق العامة الصناعية والتجارية وأن كنت تخضع في بعض جوانبها لأحكام القانون الخاص فأنها لا تدار بنفس الكيفية التي تدار بها المشروعات الخاصة كما أن إرادة المشرع في إنشائها تضعها في إطار نظام قانوني غير مألوف وإن لم تتضمن إمتيازات غير مألوفة في القانون الخاص.
        ومن هنا نرى ضرورة خضوع المرافق العامة لنظام قانوني متميز عن نظام القانون الخاص بسبب طبيعتها المتميزة واستهدافها المصلحة العامة ومن قبيل ذلك حقها في التنفيذ المباشر وحقها في استيفاء الرسوم، وهذا ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي .([12])

المطلب الثاني :أ نـواع المرافق العامة
        لا تأخذ المرافق العامة صورة واحدة بل تتعدد أنواعها تباعاً للزاوية التي ينظر منها إليها ، فمن حيث طبيعة النشاط الذي تمارسه تنقسم إلى مرافق إدارية ومرافق اقتصادية، ومرافق مهنية، ومن حيث استقلالها تنقسم إلى مرافق ذات شخصية معنوية مستقلة ومرافق لا تتمتع بالشخصية المعنوية، ومن حيث نطاق نشاطها إلى مرافق قومية وأخرى محلية .
 ومن حيث مدى الالتزام بإنشائها إلى مرافق اختيارية ومرافق إجبارية.
أولاً : المرافق العامة من حيث طبيعة نشاطها .
        تنقسم المرافق العامة من حيث موضوع نشاطها أو طبيعة هذا النشاط ‘لى ثلاثة أنـواع :  

1. المرافق العامة الإدارية :
        يقصد بالمرافق العامة الإدارية تلك المرافق التي تتناول نشاطاً لا يزاوله الأفراد عادة أما بسبب عجزهم عن ذلك أو لقلة أو انعدام مصلحتهم فيه، ومثالها مرافق الدفاع والأمن والقضاء .([13])
        وتخضع المرافق الإدارية من حيث الأصل لأحكام القانون الإداري، فعمالها يعتبرون موظفين عموميين وأموالها أموالاً عامة، وتصرفاتها أعمالاً إدارية، وقراراتها تعد قرارات إدارية وعقودها عقوداً إدارية، وبمعنى أخر تتمتع المرافق العامة الإدارية باستخدام إمتيازات السلطة العامة لتحقيق أهدافها . إلا أنها قد تخضع في بعض الأحيان استثناء لأحكام القانون الخاص، وذلك عندما يجد القائمون على إدارتها أن هذا الأسلوب يكفي لتحقيق أهداف المرفق وتحقيق المصلحة العامة .
2. المرافق الاقتصادية :
        بفعل الأزمات الاقتصادية وتطور وظيفة الدولة ظهر نوع أخر من المرافق العامة يزاول نشاطاً تجارياً أو صناعياً مماثلاً لنشاط الأفراد و تعمل في ظروف مماثلة لظروف عمل المشروعات الخاصة، وبسبب طبيعة النشاط الذي تؤديه هذه المرافق دعا الفقه والقضاء إلى ضرورة تحرير هذه المرافق من الخضوع لقواعد القانون العام.
        والأمثلة على هذه المرافق كثيرة ومنها مرفق النقل والمواصلات ومرفق توليد المياه والغاز ومرفق البريد.
        وقد اختلف الفقه حول معيار تمييز المرافق العامة الاقتصادية عن المرافق العامة الإدارية وعلى النحو التالي:

أ- المعيار الشكلي .
        يعتمد هذا المعيار على أساس شكل المشروع أو مظهره الخارجي فإذا اتخذ المشروع شكل المشروعات الخاصة كما لو تمت إدارته بواسطة شركة فأنه مرفق اقتصادي , وبعكس ذلك لو تمت إدارته بواسطة الإدارة أو تحت رقابتها وإشرافها وباستخدام أساليب السلطة العامة فهو مرفق عام إداري.

ب- معيار الهدف .
        اتجه هذا المعيار إلى التمييز بين المرافق الإدارية والمرافق الاقتصادية على أساس الغرض الذي يستهدفه المرفق، فالمرافق الاقتصادية تقوم بنشاط صناعي أو تجاري يهدف إلى تحقيق الربح مثلما هو الحال في المشروعات الخاصة.
 في حين لا تسعى المرافق الإدارية إلى تحقيق الربح بل تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد .
        غير أن هذا المعيار يتسم بالقصور من حيث أن الربح الذي تحققه المرافق الاقتصادية ليس الغرض الأساسي من إنشائها بل هو أثر من آثار الطبيعة الصناعية أو التجارية التي تمارسها فهي تستهدف أساساً تحقيق المنفعة العامة .([14])
        كما أن المرافق الإدارية يمكن أن تحقق ربحاً من جراء ما تتقاضاه من رسوم تقوم بتحصيلها مقابل الخدمات التي تقدمها.
ج- معيار القانون المطبق .
        ذهب جانب من الفقه إلى التمييز بين المرافق العامة الاقتصادية والمرافق العامة الإدارية على أساس النظام القانوني الذي يخضع له المرفق .
 فإذا كان يخضع لأحكام القانون الخاص اعتبر المرفق اقتصادياً وعلى العكس من ذلك إذا كان يخضع لأحكام القانون العام فهو مرفق عام إداري .
        غير أن هذا المعيار غير سليم ولا يتفق مع المنطق لأن المطلوب هو تحديد نوع المرفق العام قبل إخضاعه لنظام قانوني معين، وليس العكس أي أن خضوع المرفق الاقتصادي لقواعد القانون الخاص هو نتيجة لثبوت الصفة الاقتصادية للمرفق.
        كما أن خضوع المرفق العام للقانون الخاص مجرد قرينة على أن هذا المرفق ذو صفة اقتصادية ولكن لا يمكن الاعتماد عليها بثبوت هذه الصفة قطعاً .([15])

د – معيار طبيعة النشاط .

        ذهب رأي أخر من الفقه وهو الرأي الراجح إلى أن المرفق يكون اقتصادياً إذا كان النشاط الذي يقوم به يعد نشاطاً تجارياً بطبيعته طبقاً لموضوعات القانون التجاري، ويعتبر المرفق مرفقاً عاماً إدارياً إذا كان النشاط الذي يمارسه نشاطاً إدارياً ومما يدخل في نطاق القانون الإداري.
        وقد أخذ بهذا الرأي جانب كبير من الفقهاء، ومع أن القضاء الإداري في فرنسا لم يعتمد معياراً واحداً  منها وإنما أخذ بمعيار يقوم على فكرتين أو عنصرين :-
العنصر الأول : ويعتمد على موضوع وطبيعة النشاط الذي يمارسه المرفق الاقتصادي الذي يتماثل مع النشاط الخاص.
العنصر الثاني : يتعلق بالأساليب وطرق تنظيم وتسيير المرفق في ظل ظروف مماثلة لظروف عمل المشروعات الصناعية .([16])
        أما بخصوص القانون الذي تخضع له المرافق الاقتصادية فقد استقر القضاء الإداري على أن تخضع لقواعد القانون الخاص في نشاطها ووسائل إدارتها، مع خضوعها لبعض قواعد القانون العام من قبيل انتظام سير المرافق العامة والمساواة بين المنتفعين بخدماتها وقابليتها للتغيير بما يتلائم مع المستجدات وتمتعها ببعض إمتيازات السلطة العامة اللازمة لحسن أدائها لنشاطها مثل نزع الملكية للمنفعة العامة، والاستيلاء المؤقت، وينعقد الاختصاص في هذا الجانب من نشاطها لاختصاص القضاء الإداري .
        وبهذا المعنى فهي تخضع لنظام قانوني مختلط يجمع بين أحكام القانون الخاص والقانون العام معاً.
3- المرافق المهنية :
        وهي المرافق التي تنشأ بقصد توجيه النشاط المهني ورعاية المصالح الخاصة بمهنة معينة، وتتم إدارة هذه المرافق بواسطة هيئات أعضائها ممن يمارسون هذه المهنة ويخولهم القانون بعض إمتيازات السلطة العامة .مثل نقابات المهندسين والمحامين والأطباء وغيرها من النقابات المهنية الأخرى.
        وقد ظهر هذا النوع من المرافق عقب الحرب العالمية الثانية لمواجهة المشاكل التي كان يتعرض لها أصحاب هذه المهن والدفاع عنهم وحماية مصالحهم، لا سيما في فرنسا التي ظهرت فيها لجان تنظيم الإنتاج الصناعي عام1940 .
        وتخضع هذه المرافق لنظام قانوني مختلط فهي تخضع لنظام القانون العام واختصاص القضاء الإداري في بعض المنازعات المتعلقة بنشاطها غير أن الجانب الرئيس من نشاطها يخضع لأحكام القانون الخاص.
        فالمنازعات المتعلقة بنظامها الداخلي وعلاقة أعضائها بعضهم ببعض وشؤونها المالية تخضع للقانون الخاص ولاختصاص المحاكم العادية، أما المنازعات المتصلة بمظاهر نشاطها كمرفق عام وممارستها لإمتيازات السلطة العامة فتخضع لأحكام القانون العام واختصاص القضاء الإداري .([17])
        ومن ثم فإن المرافق المهنية تتفق مع المرافق العامة الاقتصادية من حيث خضوعها لنظام قانوني مختلط، غير أن نظام القانون العام يطبق بشكل أوسع في نطاق المرافق المهنية ويظهر ذلك في إمتيازات القانون العام التي يمارسها المرفق، في حين ينحصر تطبيقه في مجال تنظيم المرفق في المرافق الاقتصادية .

ثانياً : المرافق من حيث استقلالها

        تنقسم المرافق العامة من حيث استقلالها إلى مرافق تتمتع بالشخصية المعنوية أو الاعتبارية ومرافق لا تتمتع بالشخصية المعنوية.
1- المرافق العامة التي تتمتع بالشخصية المعنوية  : وهي المرافق التي يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويكون لها كيان مستقل كمؤسسة عامة مع خضوعها لقدر من الرقابة أو الوصاية الإدارية.
2- المرافق العامة التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية : وهي المرافق التي لا يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويتم إلحاقها بأحد أشخاص القانون العام وتكون تابعة لها، كالدولة أو الوزارات أو المحافظات، وهي الغالبية العظمى من المرافق العامة .
        وتبدو أهمية هذا التقسيم في مجال الاستقلال المالي والإداري وفي مجال المسؤولية ، إذ تملك المرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية قدراً كبيراً من الاستقلال الإداري والمالي والفني في علاقتها بالسلطة المركزية مع وجود قدر من الرقابة كما أوضحنا ، غير أن هذه الرقابة لا يمكن مقارنتها بما تخضع له المرافق غير المتمتعة بالشخصية المعنوية من توجيه وإشراف مباشرين من السلطات المركزية ،أما من حيث المسؤولية فيكون المرفق المتمتع بالشخصية المعنوية مستقلاً ومسؤولاً عن الأخطاء التي يتسبب في إحداثها للغير في حين تقع هذه المسؤولية على الشخص الإداري الذي يتبعه المرفق العام في حالة عدم تمتعه بالشخصية المعنوية.
ثالثاً: المرافق العامة من حيث نطاق نشاطها
        تنقسم المرافق العامة من حيث نطاق أو مجال عملها إلى مرافق قومية ومرافق محلية.
1- المرافق القومية
        يقصد بالمرافق القومية تلك المرافق التي يتسع نشاطها ليشمل كل أقليم الدولة. كمرفق الدفاع ومرفق القضاء ومرفق الصحة، ونظراً لعمومية وأهمية النشاط الذي تقدمه هذه المرافق فأنها تخضع لإشراف الإدارة المركزية في الدولة من خلال الوزارات أو ممثليها أو فروعها في المدن، ضماناً لحسن أداء هذه المرافق لنشاطها وتحقيقاً للمساواة في توزيع خدماتها.
        وتتحمل الدولة المسؤولية الناتجة عن الأضرار التي تتسبب فيها المرافق القومية بحكم إدارتها لها والإشراف على شؤونها.
2- المرافق المحلية :-
        ويقصد بها المرافق التي يتعلق نشاطها بتقديم خدمات لمنطقة محددة أو إقليم معين من أقاليم الدولة ،ويعهد بإدارتها إلى الوحدات المحلية، كمرفق النقل،أو مرفق توزيع المياه أو الكهرباء وغيرها من المرافق التي تشبع حاجات محلية.
        وتتميز المرافق المحلية بالاختلاف والتنوع في أساليب إدارتها بحكم اختلاف وتنوع حاجات كل وحدة محلية أو إقليم تمارس نشاطها فيه كما أن المسؤولية الناتجة عن الأضرار التي تتسبب بإحداثها المرافق المحلية أو موظفيها ويتحملها الشخص المعنوي المحلي أو الإقليمي .([18])




الأموال العامة


- لا يمكن للإدارة أن تباشر نشاطها وتحقق أهدافها ما لم تتوافر لها الأموال اللازمة لهذا النشاط سواء كانت هذه الأموال عقارية أو منقولات .
وتتميز هذه الأموال بأحكام خاصة , وهي أما أن تكون أموالا عامة مخصصة للنفع العام وتتمتع بحماية قانونية خاصة ، وأما أن تكون أموالا خاصة تخضع لذات النظام القانوني الذي تخضع له أموال الأفراد .([1])
        وفي هذا الجزء في الدراسة نبحث في الأموال العامة في ثلاثة فصول:
الفصل الأول: التعريف بالمال العام

الفصل الثاني: نزع الملكية للمنفعة ألعامه

الفصل الثالث: استعمال المال العام وحمايته القانونية.


  
الفصل الأول
التعريف بالمال العام
للتعرف على الأموال العامة يلزم أولا دراسة ظهور فكرة المال العام ثم التطرق لبيان تمييز الأموال العامة عن الأموال الخاصة وذلك في مبحثين.

المبحث الأول
ظهور فكرة الأموال العامة
ظهرت فكرة الأموال العامة أول مرة في ظل الدولة الرومانية .حيث تم تقسيم الأشياء إلي أشياء داخلة في التعامل وخارجة عن دائرة التعامل ، ومنها ما هو مخصص للمنفعة العامة لكل الأفراد ، ومنها ما هو مخصص للجماعات العامة .([2])
        ثم انتقلت هذه الفكرة إلى فرنسا حيث صدر القانون المدني الفرنسي سنة 1804 الذي أطلق مصطلح الدومين العام لأول مره على أموال الدولة دون أن يميز بين الأموال العامة والأموال الخاصة – واستمر الوضع على ذلك حتى بدأ الفقه بالمناداة بالتفريق بين المال العام والمال الخاص ، وكان أول من نادى بهذه التفرقة الفقيه الفرنسيproudhon  برودون .([3])
        وقد طبق القضاء الفرنسى هذا التمييز في العديد من أحكامه ، ثم صدرت بعض التشريعات التي تميز بين المال العام والمال الخاص ، ومن أول هذه التشريعات التشريع الصادر في 26 يونيو 1851 بخصوص الملكية العقارية في الجزائر.
     وقد ظهرت فكرة المال العام في مصر بعد صدور القانون المدني المختلط في 28 يونيو 1875 في حين تولى المشرع العراقي  تحديد المقصود بالأموال العامة بنص المادة 71 من القانون المدني فقد ورد في ألفقره الأولى منها( تعد أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للاشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون.)
وتظهر أهمية التمييز بين هذين النوعين من الأموال في أن الأموال العامة لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم – فالأموال العامة تخضع لنظام قانوني متميز عن النظام القانوني الذي تخضع له الأموال الخاصة للإدارة وهو نظام القانون العام.
    تنص الفقرة الثانية من المادة 71 سالفة الذكر ( وهذه الاموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.)

المبحث الثاني
المعيار المميز للأموال العامة

أوضحنا أن الدولة والأشخاص المعنوية العامة الأخرى تملك نوعين مختلفين من الأموال وهما : الأموال العامة وتسمى بالدومين العام – والأموال الخاصة وتسمى بالدومين الخاص ، ويخضع كل نوع منها لنظام قانوني مختلف . لذلك كان لابد من البحث عن معيار يميز الأموال العامة عن الأموال الخاصة.
وكان للفقه الفرنسي الدور الأبرز في هذا المجال. حيث ظهرت فيه اتجاهات عدة الأول يأخذ بطبيعة المال أما الثاني فيبحث في تخصيصه للمرفق العام وأخيرا الاتجاه الذي يأخذ بتخصيص المال للمنفعة العامة .

أولاً: معيار طبيعة المال.
يقوم هذا المعيار على أساس أن الأموال العامة تلك التي لا تصلح بطبيعتها لتكون مملوكة ملكية خاصة وتكون مخصصة للاستعمال المباشر للجمهور ومثال ذلك الطرق العامة والميادين والحدائق العامة.
وهذا المعيار محل نقد من حيث انه يضيق من مفهوم المال العام فيشترط أن يكون المال العام عقاراً وليس منقولاً كما انه يحصر مفهوم المال العام في ذلك المال الذي يستعمله الجمهور بشكل مباشر و لا يخفى أن الكثير من المباني الحكومية لا يستعملها الجمهور بشكل مباشر ولا خلاف في إنها أموالا عامة.
ومن جانب آخر قصر أنصار هذا المعيار مفهوم المال العام على المال غير القابل للتملك من قبل الأفراد، وهذا منتقد من حيث أن قابلية المال العام للتملك لا ترجع لطبيعته الخاصة، وإنما هي نتيجة  لإضفاء صفة المال العام عليه ، كما أن الكثير من الأموال المعتبرة أموالا عامة تقبل الملكية الفردية كالطرق و القنوات المائية التي ينشأها الأفراد في أملاكهم الخاصة .([4])

ثانياً: معيار تخصيص المال للمرفق العام.
        يتجه أنصار هذا المعيار وهم من مدرسة المرفق العام إلى أن المال العام هو المال المخصص لخدمة مرفق عام. وهذا الاتجاه منتقد من حيث انه ضيق من ناحية وواسع من ناحية أخرى ، فهو ضيق لأنه يخرج من دائرة الأموال العامة تلك الأموال المخصصة للاستعمال المباشر للجمهور كالطرق والميادين والحدائق العامة لا لشيء إلا لأنها غير موضوعة لخدمة مرفق عام .
في حين يكون هذا المعيار واسعاً من حيث انه يعترف بصفة الأموال العامه لجميع الأموال المخصصة لخدمة المرافق العامة على اختلاف أنواعها إدارية أم اقتصادية وسواء أكان المال مهماً أم تافه القيمة.
        ولتفادى هذه الانتقادات سعى أنصار هذا المعيار إلى تحديده من خلال اشتراط امرين حتى يكون المال عاماً .
الأول  أن يكون المرفق مرفقاً عاماً جوهرياً . والثاني أن يكون المال المخصص لهذا المرفق قد اعد أعدادا خاصاً  لخدمة هذا المرفق وله الدور الرئيسي في سير المرفق وأدارته.
وبناءً على ذلك تم استبعاد المنقولات المستخدمة في المرافق العامة من نطاق الأموال العامة . وكذلك المباني الحكومية والمدارس والثكنات العسكرية لأنها غير معدة أعدادا خاصاً لخدمة المرفق.
ولاشك أن هذه المحاولة لبيان المقصود بالأموال العامة فشلت أيضا لأنها لا تستند إلى معيار منضبط يحدد متى يمكن اعتباره مرفقاً عاماً جوهرياً ، ومتى نكون أمام مال مخصص لخدمة مرفق عام وله دور رئيس في إدارته. ([5])  
لذلك سرعان ما هجر هذا المعيار واتجه الفقه نحو معيار التخصيص للمنفعة العامة.

ثالثاً: معيار تخصيص المال للمنفعة العامة.
        نتيجة للانتقادات الموجهة للمعيارين السابقين- اتجه الفقه نحو الأخذ بمعيار أخر هو معيار تخصيص المال للمنفعة العامة. ومقتضاه أن المال يكون عاماً طالما تم تخصيصه لتحقيق النفع العام.    
        وقد اختلف الفقه في الطريق الذي يتم فيه تخصيص المال للنفع العام ، فقد ذهب العميد " Hauriou إلي ضرورة أن يكون تخصيص المال للمنفعة العامة بقرار من الإدارة – في حين أضافWaline إلي ذلك أن المال العام يجب أن يكون ضرورياً ولازماً لتسيير المرفق العام وتحقيقه المصلحة العامة ولا يمكن الاستغناء عنه أو الاستعاضة عنه بسهولة.([6])
وأيا كانت طريقة التخصيص فقد استقر رأى الفقه والقضاء على أن المال العام هو ذلك المال المملوك لإحدى الجهات الإدارية والمخصص للمنفعة العامة.

رابعاً: معيار المال العام في القانون العراقي
بينت المادة 71 من القانون المدني الاردني(1 –تعد أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للاشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون.2- وهذه الاموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.)      
وبمقتضى ذلك يجب لاعتبار المال عاماً توافر شرطين.
الأول: أن يكون المال مملوكاً للدولة أو  لإحدى الأشخاص  ألمعنويه العامة.
الثاني: أن يتم تخصيص المال للمنفعة العامة ، ويتم التخصيص للمنفعة العامة
 بحسب النص المشار إليه بأحد الأساليب التالية :
بالفعل : ويتم ذلك بان يكون المال متاحاً للانتفاع به مباشرة للجمهور دون أن.
تتدخل السلطات في ذلك بقانون أو قرار ، كأن يقوم الأفراد بالانتفاع بالطرق
العامة والشواطئ والحدائق ، وفق ما يمكن تسميتها بالأموال العامة بطبيعتها
1-   التخصيص بقانون: ويظهر هذا التخصيص في إصدار الدولة قانونا يتضمن تخصيص المال للنفع العام, كما هو الحال في الانتفاع عن طريق المرافق العامة المختلفة. كمرفق النقل والاتصالات وغيرها.  ومن ثم لا يمكن اعتبار الأموال اللمملوكة للأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة أموالا عامة ولو كانت مخصصة للمنفعة العامة ، وكذلك الحال  بالنسبة للأموال المملوكة لملتزم المرافق العامة فرداً أو شركة خاصة .([7])
       وأخيرا فان الأموال العامة تزول بذات الطريقة التي نشأت بها أي بالفعل أو بنص القانون أو الانظمه.


الفصل الثاني
نزع الملكية للمنفعة العامة

تحصل الدولة على أموالها بطرق عدة منها ما هو متماثل مع أساليب القانون الخاص فتنزل منزلة الأفراد فتتفق معهم على التنازل عن ملكهم بالتراضي بالبيع أو الهبات أو الوصية كما قد تلجئ إلى أسلوب لاستملاك او نزع الملكية للمنفعة ألعامه.
         ونزع الملكية للمنفعة العامة إجراء إداري يقصد به حرمان مالك عقار معين من ملكه جبراً لتخصيصه للمنفعة العامة لقاء تعويض عادل.
وقد نصت جميع الدساتير على حماية الملكية الخاصة ومن ثم فان نزع الملكية للمنفعة العامة يأتي استثناء على قاعدة احترام الملكية الفردية – ويجد هذا الاستثناء مبرره في ضرورة تحقيق المصلحة العامة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الأفراد عن أملاكهم الخاصة ، ولو ترك الأمر لهم فانهم يفضلون غالباً تغليب مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة ويرفضون التنازل عن أملاكهم طوعاً.
لذلك نجد أن الدساتير والقوانين في مختلف الدول قد اعترفت بحق الإدارة بنزع الملكية الخاصة لتحقيق المنفعة العامة.
وفي هذا المجال ورد في المادة 23 - ثانيا من الدستور العراقي لعام  2005(  لا يجوز نزع الملكيه الا لاغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل, وينظم ذلك القانون.)

الشروط العامة لنزع الملكية :
        هناك عدة شروط يجب توافرها حتى نكون أمام أجراء نزع الملكية للمنفعة العامة أهمها :
أ‌-     نزع الملكية العامة لا يوجه إلا إلى العقارات
إجراء نزع الملكية يقتصر على العقارات المملوكة للأفراد وعلى هذا الأساس لا يشمل هذا الإجراء المنقولات عموماً مهما بلغت قيمتها ، وكذلك ينصرف نزع الملكية إلى حق الملكية ذاته فلا يشمل الحقوق العينية الأخرى الأصلية أو التبعية فلا يرد على حق الانتفاع أو الارتفاق .
وفي جانب آخر يجب أن تكون العقارات التي يوجه إليها قرار نزع الملكية عقارات مملوكة للأفراد ، أما العقارات المملوكة للأشخاص المعنوية العامة فهي من الأموال العامة التي تستطيع الإدارة تغيير وجه تخصيصها دون اللجوء إلى إجراء نزع الملكية.
ب‌- نزع الملكية يستهدف دائماً تحقيق المنفعة العامة
بينا أن الدساتير تقرر نزع الملكية الخاصة للأفراد حصراً لتحقيق المنفعة العام ، وهو ما تضمنته اغلب التشريعات الخاصة بنزع  الملكية. إلا أن هذه التشريعات منحت     الإدارة سلطة واسعة في تقرير توافر المنفعة العامة من عدمه وخطورة هذا الوضع     واحتمال تعسف الإدارة في هذا المجال يجعل من الضروري بسط القضاء رقابته على مدى احترام الإدارة لشرط إجراء نزع الملكية لمقتضيات المنفعة العامة ، فإذا انحرفت عن هذا الغرض لتحقيق مآرب أخرى فان قرارها يكون مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة ويكون جديراً بالإلغاء .
ج -أداة نزع الملكية هو القرار الإداري.
الأصل أن الإجراء الصادر بنزع الملكية هو القرار الإداري الصادر من السلطة    المختصة عموماً بإجراءات نزع الملكية ، ويعد هذا القرار بمثابة عمل إداري مركب       تمارسه الإدارة بما تملك من إمتيازات السلطة العامة.
إلا أنه يجوز أن يصدر تشريعاً خاصاً يقرر نزع الملكية للمنفعة العامة كما هو الشأن عند إجراء عمليات التأميم.
د-يكون نزع الملكية لصالح شخص من اشخاص القانون العام .
الأصل أن يكون نزع الملكية لصالح شخص من أشخاص القانون العام  إلا أنه يجوز      استثناء أن يتم نزع الملكية لصالح أحد الملتزمين بإدارة مرفق عام لتحقيق منفعة .



الفصل الثالث
استعمال المال العام وحمايته القانونية.
نبين في هذا الجزء من الدراسة صور استعمال المال العام والحماية القانونية التي يوفرها له المشرع وذلك في مبحثين متتاليين.

المبحث الأول
استعمال المال العام

        إذا كان المال العام مخصص أصلا للمنفعة العامة فان هذا لا يعني أن الأفراد يستطيعون استعماله دون تنظيم ، فمثلما يكون الانتفاع بطريق مباشر كالانتفاع بالطرق والحدائق العامة قد يتم الانتفاع به من خلال أحد المرافق العامة وهنا يجب أن يخضع الانتفاع للقواعد المنظمة لعمل المرفق ذاته.
كما أن الانتفاع المباشر بالمال العام يختلف هو الآخر باختلاف الاستعمال فقد يكون الاستعمال عاماً أو مشتركا وقد يكون الاستعمال خاصاً.

أولاً: الاستعمال العام للمال العام.
يكون استعمال المال العام عاماً إذا انتفع الأفراد به بصورة مباشرة واستعملوه استعمالاً متشابهاً بالشكل الذي يتفق وطبيعة المنفعة التي اعد لها ، كالمرور في الطرقات العامة والانتفاع بالحدائق والمتنزهات العامة واستعمال دور العبادة.
واستعمال المال العام بهذه الصورة يعد مظهراً من مظاهر الحريات العامة التي تنص الدساتير على احترامها غير أن ذلك لا يعنى بأي حال منع الإدارة من وضع ضوابط لاستعمال المال العام دون مخالفة تلك الدساتير .
وفي هذا المجال يخضع الأفراد في انتفاعهم بالأموال العامة للقواعد التالية :

1 . قاعدة حرية استعمال المال العام
الأصل أن يكون استعمال المال العام حراً للجمهور في أي وقت يشاءون ، مادام أن هذا الاستعمال لا يخل بالغرض الذي خصص له المال العام.
فلكل فرد حرية السير في الطرق العامة والتنزه في الحدائق العامة ودخول دور العبادة وغير ذلك من الأماكن العامة.
غير أن ذلك يخضع في أحيان كثيرة لضوابط وتنظيم الإدارة كتنظيم دخول وخروج  المنتفعين وتحديد مواعيد خاصة لفتح الحدائق العامة ، أو منع الشاحنات من استعمال طرق معينه وما إلى ذلك مما يدخل ضمن سلطات الضبط الإداري التي تتولى حماية النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن العام ، الصحة العامة ، السكينة العامة ، وفي كل الأحوال يجب أن لا يصل هذا التنظيم إلى مصادرة تلك الحريات.

2. قاعدة مجانية الاستعمال
الأصل في استعمال المال العام أن يكون مجانياً . إلا أن من الجائز أن يفرض القانون رسوم مقابل الانتفاع بالمال العام إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة كرسوم انتظار السيارات في أماكن معينة أو رسوم دخول الحدائق العامة أو الطرق السريعة.

3.      قاعدة المساواة بين المنتفعين
        القاعدة العامة في استعمال المال العام أن يتساوى المنتفعين في استعماله ، ويجب على الإدارة أن تسعى لتحقيق هذه المساواة فلا تمييز بين شخص وأخر في الانتفاع بالمال بسبب اصل أو لون أو جنس أو دين أو لغة.



[1] - ينظر في شأن الأموال العامة:
   - الدكتور سليمان محمد الطماوى – الوجيز في القانون الإداري- المرجع السابق – ص580.
   - الدكتور: مصطفى أبو زيد فهمي – الوجيز في القانون الإداري – المصدر السابق- ص542
   - الدكتور: عبد الغنى بسيونى – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 581
   -الدكتور: محمد انسى قاسم جعفر – الوسيط في القانون العام – المصدر السابق – ص 429
   -الدكتور: محمد سعيد حسين أمين – مبادئ القانون الإداري – المصدر السابق ص 663
[2] - د.ممدوح مصطفى – القانون الروماني – دار المعارف – 1959 – ص269
[3] - د.سليمان محمد الطماوى – الوجيز في القانون الإداري – المصدر السابق – 581
[4] - ينظر في تفصيل ذلك
  1. د- عبد الغنى بسيونى – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 584
  2. د.محمد رفعت عبد الوهاب والدكتور حسين عثمان- مبادئ القانون الإداري المصدر السابق ص 444.
  3. د. محمد مختار عثمان – المبادئ والأحكام القانونية للإدارة الشعبية بالجماهيرية – المصدر السابق ص356.
[5] - ينظر في شان الانتقادات الموجهة لهذا المعيار.
د.مصطفى أبو زيد فهمي – الوجيز في القانون الإداري – المصدر السابق ص 580.
د. عبد الغنى بسيونى – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 587 .
د. محمود عاطف البنا – مبادئ القانون الإداري في الأموال العامة والوظيفة العامة – دار الفكر – ص 14.